نظم قانون الجزاء الكويتي ما يسمى بالامتناع عن النطق بالعقاب وجوهره يقوم على إدانة المتهم دون النطق بعقوبة محددة ، هذا وقد حدده المشرع الكويتي في الأحوال التي يسمح فيها للمحكمة أن تطبق الامتناع عن النطق بالعقاب حيث تقول أن : ” إذا اتهم شخص بجريمة تستوجب الحكم بالحبس جاز للمحكمة إذا رأت من أخلاقه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها جريمته أو تفاهة هذه الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى الإجرام ، أن تقرر الامتناع عن النطق بالعقاب وتكلف المتهم تقديم تعهد بكفالة شخصيه أو عينيه أو بغير كفالة ، يلتزم فيه مراعاة شروط معينه والمحافظة على حسن السلوك المدة التي تحددها على ألا تجاوز سنتين ، وللمحكمة أن تقرر وضعه خلال هذه المدة تحت رقابة شخص تعينه ، ويجوز لها أن تغير هذا الشخص بناء على طلبه وبعد إخطار المتهم بذلك ” . ويعتبر عدم النطق بالعقاب كما ذكرنا سابقاً حكماً بإدانة المتهم ، إلا أن القاضي لا يقرر عقوبة محدده ينطق بها .
ولو تأملنا نص المادة السابقة لوجدنا أنه لابد من توافر بعض الشروط المتعلقة بالجريمة وشروط متعلقة بالمتهم ، فيجب بداية أن تكون الجريمة معاقباً عليها بالحبس فقط ، فلا يقبل تطبيق الامتناع في نطاق الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو الغرامة ولا يشترط أن تكون عقوبة الحبس جاءت بشكل وجوبي بل يجوز أن يطبق الامتناع عن النطق بالعقاب حتى وان جاء بشكل جوازي مع الغرامة ، ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة جناية أو جنحة إذ العبرة بالعقوبة المقررة فقط .
إلا أن المشرع في بعض الأحوال قد يقرر نصاً خاصاً يمنع فيه تطبيق الامتناع عن النطق بالعقاب كما هو الحال فيما ورد باستبعاد إعطاء الامتناع بموجب القانون رقم (13) لسنة 1995 في جرائم المخدرات . حيث أجاز للمحكمة – ومن خلال نص المادة (81) – ” … أن تفرض بعض التزامات على المحكوم عليه الذي قضي بالامتناع عن النطق بعقابه ، كأن يكلف بتقديم تعهد بكفالة شخصيه أو مالية ، أو يقدم تعهد بالمحافظة على حسن السيرة والسلوك خلال المدة التي قد قضي بها الحكم على أن لا تتجاوز مدة سنتين”
فإن انقضت المدة المحددة بالنص ، والتي يجب أن يلتزم فيها المحكوم عليه بحسن السير والسلوك ، دون أن يخل بالتزامه ، كان من شأن ذلك أن تعتبر إجراءات الدعوى العمومية كأنها لم تكن ، أي أن الشخص يعتبر كأن لم يتهم ، وبالتالي لا تطبق عليه شروط التعهد ، ولكن يظل الفعل سابقة قضائية كجريمة كان حكمها عدم النطق بالعقاب ، وهذا ما قررته المادة (81) حيث تقول : ” وإذا انقضت المدة التي حددتها المحكمة دون أن يخل المتهم بشروط التعهد ، اعتبرت إجراءات المحاكمة السابقة كأن لم تكن ” .
فإذا أخل بالالتزام الذي فرضته عليه المحكمة ، فإن للمحكمة أن تأمر بناء على طلب سلطة الاتهام ، أو الشخص المتولي رقابته أو المجني عليه ، بالمضي في محاكمة الشخص عن التهمه التي ارتكبها سابقا ، والذي صدر بها حكما بالامتناع عن النطق بالعقاب ، هذا وقد قرر هذا المضمون في قانون الجزاء أنه : ” أما إذا أخل المتهم بشروط التعهد ، فإن المحكمة تأمر بناء على طلب سلطة الاتهام أو الشخص المتولي رقابته أو المجني عليه بالمضي في المحاكمة ، وتقضي عليه بالعقوبة عن الجريمة التي ارتكبها ومصادرة الكفالة العينية إن وجدت ”
طالع ايضا : تطور دور النقود من أرسطو حتى الفوركس
ونشير إلى أنه ، وبالرغم من كون الامتناع عن النطق بالعقاب قد لا يتضمن عقوبة حقيقية ، إلا أنه يشكل بحد ذاته حكم إدانة ، مما يعد سابقة قضائية مسجلة على المحكوم عليه ، ولكن ليست سابقة لقيام ظرف العود المشدد للعقوبة ، كما أن ذلك لا يمنع المجني عليه من رفع دعوى بالتعويض المدني إذا كان هناك ما يوجبها ، كما أن ذلك الامتناع وبالرغم من أنه من آثاره عدم تطبيق عقوبة محدده على المحكوم عليه إلا أن امتناع النطق بالعقاب لا يشمل العقوبات التكميلية و التبعية حيث قضت محكمة التمييز الكويتية أنه :
من من المقرر على وجه ما جر به قضاء هذه المحكم أن الظروف المخففة ليس لها أثر في الأصل إلا على العقوبات الأصلية دون العقوبات التبعية أو التكميلية ومنها العزل والرد والغرامة النسبية ، مما مقتضاه أنه لا يجوز إعمال حكم المادة 81 من قانون الجزاء التي تجيز للمحكمة تقرير الامتناع عن النطق بالعقاب إذا ما توافرت مبررات التخفيف ” . كما أن تقرير الامتناع عن النطق بالعقاب هو أمر جوازي للمحكمة فلها أن تقرر الامتناع عن النطق بالعقاب في الجرائم التي تستوجب الحكم بالحبس اذا توافرت ظروف معينة ، فلا تثريب عليها إن هي لم تقضي به ولا عليها إن هي التفت عن الرد على طلبه لأن القضاء بالعقوبة يفصح عن عدم اقتناعها بإجابته ، وهي من بعد ذلك غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى ذلك